استعادت عدد من المصانع نشاطها تدريجيًا، بعد إعلانها التوقف عن العمل في 15 مايو الماضي، وذلك عقب انقطاع دام نحو أسبوعين، إثر تقليص مفاجئ في إمدادات الغاز الطبيعي. واستأنفت المصانع نشاطها بعد إعلان الحكومة عن ضخ جزئي للغاز، تراوحت نسبته بين 60% إلى 70% من الكميات المعتادة، دون تحديد موعد لعودة الإمدادات إلى مستوياتها الطبيعية.
وكانت مصانع كبرى للأسمدة والبتروكيماويات، قد أعلنت توقفها الكامل عن الإنتاج، وفي مقدمتها “الإسكندرية للأسمدة”، و”كيما” بأسوان، و”حلوان للأسمدة”، في حين اضطرت شركات أخرى مثل “أبو قير للأسمدة” و”موبكو” إلى تشغيل خط إنتاج واحد فقط من بين عدة خطوط، ما أدى إلى تراجع الإنتاج بنسبة وصلت إلى 30%.
وتُعد صناعة الأسمدة في مصر من أكبر مستهلكي الغاز الطبيعي في القطاع الصناعي، إذ يُشكّل الغاز نحو 60% من تكلفة إنتاج الطن الواحد من الأسمدة، بحسب تقديرات رسمية. ويستهلك هذا القطاع وحده ما بين 35% إلى 40% من إجمالي الغاز المستخدم في الصناعة.
ويُعزى هذا الحجم الكبير من الاستهلاك إلى اعتماد مصانع الأسمدة النيتروجينية على الغاز الطبيعي كمادة خام أساسية، إلى جانب دوره كمصدر رئيسي للطاقة في تشغيل العمليات الصناعية. وبالتالي، فإن أي اضطراب في إمدادات الغاز يؤثر مباشرة على القدرة الإنتاجية وتكلفة التصنيع، وهو ما ينعكس على أسعار الأسمدة في السوق المحلي، وعلى كلفة الزراعة بشكل عام.
هذا ما يجعل قطاع الأسمدة من القطاعات الأكثر تأثرًا بأزمات الغاز، ما يستدعي تدخلًا حكوميًا لضمان استقرار الإمدادات، وتوفير الغاز بأسعار تضمن استمرارية الإنتاج وحماية القطاع الزراعي من تقلبات حادة في تكلفة مدخلاته الأساسية.
وتأتي هذه الأزمة على خلفية تراجع مستمر في إنتاج مصر المحلي من الغاز، وخصوصًا من حقل “ظُهر”، الذي يُعد أكبر حقل للغاز في شرق المتوسط. في المقابل، بدأت كميات الغاز المستوردة من إسرائيل في الانخفاض منذ 21 مايو، لتصل إلى 500 مليون قدم مكعب يوميًا، في ظل توتر سياسي متزايد بين القاهرة وتل أبيب على خلفية الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة. وتشير تقديرات إلى احتمال انخفاض إضافي في هذه الكميات بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20% خلال شهري يوليو وأغسطس مقارنة بالمعدلات المعتادة.
نوصي للقراءة: هل ينطفئ حلم الاكتفاء الذاتي للطاقة؟ تداعيات انخفاض إنتاج حقل ظهر على مصر
سابقات التوقف
لم تكن هذه المرة الأولى التي تضطر فيها مصانع تعتمد على الغاز الطبيعي إلى التوقف عن الإنتاج، إذ شهد شهر يونيو الماضي خطوة مشابهة من وزارة البترول والثروة المعدنية، التي قررت آنذاك خفض كميات الغاز الموردة إلى مصانع الأسمدة بنسبة تراوحت بين 20% و30%. هذا الخفض تسبب في توقف عدد من المصانع عن العمل مؤقتًا، في ظل انتظار تدبير الكميات الكافية لاستئناف التشغيل.
وجاء قرار التوقف من جانب مصانع الأسمدة في أعقاب خطوة مماثلة اتخذتها الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، التي أوقفت إمدادات الغاز عن مصانع البتروكيماويات في 21 مايو 2024، في إجراء استمر 11 يومًا. ولاحقًا، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية عن بدء إعادة ضخ الغاز تدريجيًا إلى مصانع الأسمدة اعتبارًا من 6 يونيو من العام نفسه.
وبالتزامن مع ذلك، أعلنت شركات كبرى مثل “أبوقير للأسمدة”، و”سيدي كرير”، و”كيما” عن توقف مصانعها مؤقتًا، في انتظار استقرار ضغوط الشبكات الإقليمية لتداول الغاز، والانتهاء من أعمال الصيانة الوقائية اللازمة قبل استئناف الإنتاج.
في عام 2015، ومع الإعلان عن اكتشاف حقل “ظُهر” العملاق في شرق المتوسط، رفعت الحكومة المصرية شعار “الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي”، معتبرة هذا الاكتشاف نقطة تحول أعادت مصر إلى خريطة الدول المصدّرة للطاقة.
وفي أقل من عقد، شهدت مصر انتكاسة في ملف الطاقة، مع عودة الحديث عن نقص الإنتاج المحلي من الغاز، وتراجعت إلى خانة الدول المستوردة مرة أخرى. إذ انخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بنسبة 16% خلال عام 2024، ليصل إلى أدنى مستوى له في ثماني سنوات، حيث بلغ 5.8 مليار قدم مكعب يوميًا في مايو 2023، مقارنة بـ7.2 مليار قدم مكعب يوميًا في سبتمبر 2021.
ويعتقد خبراء أن هذا التراجع مرتبط بعدة عوامل، أبرزها التناقص الطبيعي في إنتاج الحقول، وتقادم الآبار، إضافة إلى مشكلات فنية مثل تسرب المياه إلى بعض الآبار، مما أدى إلى خروجها من الخدمة. في المقابل، ارتفع الطلب المحلي على الغاز، خاصة في قطاع الكهرباء، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك المنزلي والصناعي.
بالإضافة إلى توجه الدولة نحو تصدير كميات كبيرة من الغاز إلى أوروبا التي تعاني من أزمة طاقة بسبب الحرب في أوكرانيا، في ظل محاولات الحكومة تأمين العملة الصعبة في ظل أزمة اقتصادية تعاني منها مصر خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى تفاقم أزمة الغاز الطبيعي.
في السياق، يرى محمد رمضان، الباحث الاقتصادي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن تراجع الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي في مصر قضية طبيعية يمكن أن تحدث مع مرور الوقت، لكن ما تتحمل الحكومة مسؤوليته هو عدم تأمين إمدادات الغاز لبعض القطاعات الحيوية، مثل مصانع الأسمنت، التي كان من الضروري تأمين إمدادات الغاز لها بطرق مختلفة.
وأضاف رمضان في حديثه إلى زاوية ثالثة أن مصر بحاجة إلى النظر في ملف الطاقة بشكل أوسع وأكثر شمولية، بعيدًا عن التركيز فقط على الغاز. فمصر ليست دولة ذات موارد بترولية ضخمة كما يُروج، ولا تمتلك احتياطات كافية من الغاز تضمن الاكتفاء الذاتي طويل الأمد. ويُعتبر اكتشاف حقل ظُهر أحد الإنجازات التي حسنت الوضع مؤقتًا، لكنه لا يكفي لتغطية الاحتياجات المحلية لفترة تمتد لعقود.
وأوضح رمضان أن الحل الأنسب كان يجب في الدفع بقوة نحو تطوير مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة نسبتها في مزيج الطاقة المصري، مشيرًا إلى أن الحكومة تأخرت كثيرًا في هذا الملف. كما نبه إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاع الطاقة المتجددة تواجه العديد من العراقيل، مثل صعوبات تسعير الربط بالشبكة القومية، ما يحد من قدرة هذا القطاع على التطور والمنافسة.
ولفت الباحث الاقتصادي إلى أن الاعتماد الكلي على الغاز في محطات الكهرباء التي تم إنشاؤها مؤخرًا وتخطت تكلفتها 6 مليارات يورو يشكل رهانًا عالي المخاطر، خاصة في ظل تقلبات إنتاج الغاز. وقد دفع هذا الواقع الحكومة مؤخرًا للتفكير في بيع بعض محطات الكهرباء بهدف تخفيف العبء المالي وتقليل استهلاك الغاز.
ويرى رمضان أن ملف الطاقة في مصر يفتقد إلى التخطيط على المدى الطويل، مشددًا على ضرورة الإسراع في الانتقال إلى الطاقة المتجددة بشكل يتيح للشركات المحلية أن تنقل التكنولوجيا وتطور قدراتها، وليس مجرد جذب استثمارات أجنبية دون تحقيق أثر تنموي حقيقي.
مرَّ إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بمراحل متباينة من حيث ارتفاع الإنتاج في بعض السنوات وانخفاضه في سنوات أخرى، إذ وصلت في الفترة من 2019 إلى 2021 إلى أعلى مستويات إنتاج الغاز الطبيعي قبل أن تتراجع مرة أخرى منذ عام 2022- بحسب التقرير السنوي الاحصائي لشركة ” بريتش بتروليوم” (bp) لعام2022 .
ووفقًا لتقرير “مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024″، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة ومقرها واشنطن، ارتفعت واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال إلى نحو 2.8 مليون طن خلال العام الماضي، من بينها 300 ألف طن تم استيرادها عبر الأردن، مسجلة بذلك أعلى مستوى للواردات منذ عام 2017. في المقابل واصل تراجع إنتاج مصر من الغاز ال��بيعي واصل خلال عام 2024، ليبلغ 4.4 مليار قدم مكعب يوميًا، مقارنة بنحو 5.5 مليار قدم مكعب يوميًا في عام 2023.
نوصي للقراءة:خفض إمدادات الغاز يُربك قطاع الأسمدة ويهدد الصادرات المصرية
انسحاب من السوق المصري
أعلنت أربع شركات طاقة عالمية مؤخرًا، عن انسحابها من مناطق امتيازها في البحر الأحمر. تضم هذه الشركات: “شل”، “شيفرون”، “مبادلة” الإماراتية، و”إكسون موبيل”. جاء هذا القرار بعد تقييم الشركات لنتائج المسوحات التي لم تُظهر مؤشرات كافية على جدوى اقتصادية للاستمرار في عمليات التنقيب، رغم استثمارات تجاوزت 326 مليون دولار منذ عام 2019.
تمحورت الأسباب المعلنة عن الانسحاب حول ثلاثة محاور أبرزها أن النتائج غير مجدية اقتصاديًا، حيث أفادت الشركات بأن البيانات الفنية لم تكن مُرضية، مما دفعها إلى إعادة تقييم أولوياتها الاستثمارية. بالإضافة إلى تعقيدات جيولوجية وارتفاع التكاليف، فضلًا عن التوترات الجيوسياسية في المنطقة، خاصة في البحر الأحمر، كانت من بين العوامل التي دفعت بعض الشركات لإعادة النظر في وجودها.
في المقابل، أكد رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، أن تخلّي بعض شركات النفط العالمية عن الاستكشاف في بعض المناطق يُعد أمرًا طبيعيًا وفقًا لأولوياتها، ولا يُعتبر انسحابًا من السوق المصرية. وأوضح أن الشركات تُجري دراسات أولية لتقييم فرص الاكتشاف ومدى الجدوى الاقتصادية، وإذا لم تكن النتائج واعدة، فإنها تُفضل إعادة توجيه مواردها إلى مناطق أخرى أكثر جذبًا.
من جهته يرى الباحث الاقتصادي محمد رمضان أن الأزمة الاقتصادية قد تكون أحد الأسباب التي أثرت على إدارة ملف الغاز، لكنها ليست السبب الأوحد. فالعامل الأهم يكمن في تأخر مستحقات شركات التنقيب الأجنبية، الأمر الذي يجبر هذه الشركات على تقليل استثماراتها في الاستكشاف وتطوير الحقول، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج تدريجيًا. وأشار إلى أن هذا السيناريو تكرر في مصر أكثر من مرة، خاصة خلال طفرات الغاز في 2003 و2005، ثم تكرر أيضًا مع الطفرة الأخيرة، حيث تستخدم هذه الشركات الانسحاب كوسيلة للضغط من أجل استرداد مستحقاتها المتراكمة.
يتفق أستاذ الاقتصاد كريم العمدة مع رمضان فيما يخص موقف الشركات المنسحبة، ويرى في حديثه لزاوية ثالثة أن الأزمة الحالية في إنتاج الغاز في مصر مرتبطة بشكل أساسي بمشاكل فنية في حقول الغاز في المياه العميقة، خصوصًا حقل ظهر، الذي يعتبر حقلًا غير تقليدي ويستخدم تكنولوجيا حديثة، ما جعلنا نواجه تحديات فنية طبيعية، منها الإفراط في الاستخراج الذي تسبب في تراجع الإنتاج. مشيرًا إلى أن هذه الأزمة ليست مرتبطة بالسياسات الاقتصادية بشكل مباشر.
ويؤكد رمضان في حديثه أن تصدير مصر للغاز الطبيعي إلى أوروبا ساهم في مساعدة مصر اقتصاديًا في ظل الأزمة الاقتصادية. لكن الإفراط في التصدير شكل ضغطًا على الإنتاج المحلي.
في عام 2022، حققت مصر صادرات من الغاز الطبيعي المسال بلغت 8 ملايين طن، ما أسفر عن عوائد اقتصادية بلغت نحو 8.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 171% مقارنة بعام 2021. ويرجع هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال عالميًا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. حسب تصريحات وزير المالية الدكتور محمد معيط.
نوصي للقراءة: تسلسل زمني لارتفاع أسعار الوقود منذ ثورة يناير حتى الآن
مصر تبحث عن بدائل
في ظل تصاعد التوترات بين مصر وإسرائيل، بدأت القاهرة في اتخاذ خطوات جدية للبحث عن بدائل لتوريد الغاز الطبيعي بهدف تقليل اعتمادها على الإمدادات الإسرائيلية، التي شهدت مؤخرًا تراجعًا ملحوظًا في الكميات وارتفاعًا في الأسعار. وتشكل واردات الغاز من إسرائيل حاليًا ما بين 15% و20% من إجمالي استهلاك مصر المحلي، الأمر الذي دفع السلطات إلى التحرك نحو البحث عن البدائل لتأمين مصادر جديدة للطاقة.
وتتضمن البدائل التي تسعى مصر إليها توقيع اتفاقيات مع دول مثل قطر وقبرص؛ حيث أجرت مفاوضات مكثفة مع الدوحة لتأمين إمدادات غاز طويلة الأجل، كما وقعت اتفاقًا مع قبرص لزيادة ضخ الغاز البحري عبر الحقول المشتركة بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، تجري القاهرة محادثات مع روسيا وتركيا لإنشاء محطات لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، مما يعزز قدرتها على استيراد الغاز وتلبية احتياجات السوق المحلي.
كما تجري مصر محادثات مع روسيا وتركيا لإنشاء محطات لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك استئجار وحدات عائمة لتخزين وإعادة تحويل الغاز، لتعزيز قدرة البلاد على استيراد الغاز من مصادر متعددة. بالإضافة إلى سعي مصر نحو تعزيز إنتاجها المحلي عبر حفر آبار جديدة، تعميق الآبار القائمة، وتوسيع الرقعة الاستكشافية بهدف تقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
ففي 15 يناير 2025، أعلنت شركة إكسون موبيل الأميركية عن العثور على خزانات غاز في بئر نفرتاري-1 بمنطقة شمال مراقيا في غرب البحر المتوسط، ولا تزال الشركة تواصل تقييم النتائج. ويأتي هذا الكشف ضمن أعمال الحفر المكثفة التي انطلقت في الربع الأخير من 2024 في غرب المتوسط، حيث تتولى إكسون موبيل دور المشغل الرئيسي لامتياز شمال مراقيا بحصة 60%، فيما تمتلك “قطر للطاقة” نسبة 40%.
وفي 20 يناير، أعلنت شركة “بي بي” البريطانية الانتهاء من حفر بئرين في حقل ريفين قبالة سواحل البحر المتوسط، وهو ما يمهد لبدء إنتاج يقدر بـ200 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى 10 آلاف برميل يوميًا من المكثفات.
أكد الباحث الاقتصادي محمد رمضان على أهمية تنويع مصادر استيراد الغاز، والابتعاد عن الاعتماد الكامل على إسرائيل، مثمنًا خطوة الحكومة المصرية نحو فتح قنوات لاستيراد الغاز من دول مثل تركيا وقطر وقبرص، بهدف تأمين الاحتياجات المحلية بطريقة أكثر أمانًا.
وفيما يتعلق بتصدير الغاز المصري إلى أوروبا، أشار رمضان إلى أن هذا القرار كان مبررًا خلال الحرب الروسية الأوكرانية، عندما كانت أسعار الغاز مرتفعة وكانت الحاجة المالية ملحة. لكنه أضاف أنه مع انخفاض الأسعار حاليًا، يجب أن تُعطى الأولوية لتغطية الاحتياجات المحلية ودعم الصناعة الوطنية، خاصة أن قيمة الغاز المُصدَّر كمادة خام أقل بكثير من قيمته المضافة في عمليات التصنيع المحلي.
واختتم رمضان حديثه بأن إدارة ملف الغاز والطاقة في مصر تحتاج إلى رؤية أكثر رشادة، تركز على تحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، مع تطوير بدائل مستدامة، بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف وتحقيق استقرار طاقي طويل الأمد.
من جهته، أوضح أستاذ الاقتصاد كريم العمدة أن الغاز المستورد من إسرائيل كان جزءًا من منظومة اقتصادية معقدة، حيث كان يُستورد بغرض تسييله وإعادة بيعه، وليس للاستهلاك المحلي المباشر. لكنه أشار إلى أن تصاعد التوترات السياسية والضغوط على إسرائيل أدى إلى تقليل الإمدادات، مما زاد من تعقيد الأزمة.
وأضاف العمدة أن مصر اتخذت قرارًا بتقليل استيراد الغاز من إسرائيل لتعزيز استقلالها الطاقي، مع السعي لإيجاد بدائل لتغطية النقص الناتج. ورغم الأز��ة المفاجئة التي أثرت على قطاع الكهرباء، هناك جهود مستمرة حاليًا لزيادة وتحسين الإنتاج المحلي مقارنة بالعام الماضي.
إلى جانب حقل ظهر، توجد عدة حقول غاز أصغر حجماً، منها على سبيل المثال حقل “أتول” الذي يضم احتياطيات تقدر بنحو 1.5 تريليون قدم مكعبة، وحقل “نورس” الذي يحتوي على احتياطي يبلغ حوالي تريليوني قدم مكعبة. كما تشمل هذه الحقول حقول شمال الإسكندرية مثل تورس، ليبرا، جيزة، فيوم، وريفين، التي تُقدّر احتياطياتها الإجمالية بحوالي 5 تريليونات قدم مكعبة.
وفي الفترة ما بين 2018 و2019، كشفت مصر عن نحو 15 حقلًا جديدًا للغاز الطبيعي، خمسة منها تقع في مياه البحر المتوسط. وفي يوليو 2020، أعلنت شركتا “إيني” الإيطالية و”بريتش بتروليوم” عن اكتشاف جديد في البحر المتوسط، يبعد حوالي 11 كيلومترًا عن الساحل المصري. وبعد شهرين، في سبتمبر 2020، تم الإعلان عن كشف جديد في منطقة النورس الكبرى، يبعد حوالي 5 كيلومترات عن الساحل المصري وحوالي 4 كيلومترات عن حقل نورس الذي اكتُشف عام 2015. كما تم اكتشاف حقل “نرجس” في نهاية العام الماضي.