إصلاحات في ملف اللجوء بمصر: خطوة إيجابية لكن التحديات باقية

رغم رفع القدرة اليومية لمنح تصاريح اللجوء إلى ألف شخص، آلاف اللاجئين ما زالوا عالقين خارج مظلة القانون، دون تعليم أو علاج أو حماية.
Picture of رشا عمار

رشا عمار

في خطوة وصفها حقوقيون ومراقبون بـ”الإصلاحية”، أعلنت السلطات المصرية، بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن رفع الطاقة الاستيعابية اليومية لتقديم تصاريح اللجوء إلى حوالي ألف شخص يوميًا، وذلك بعد أن كانت الطاقة لا تتجاوز 600 لاجئ، وذلك عقب شكاوى متكررة من تكدس طالبي اللجوء أمام مكاتب المفوضية، خصوصًا من اللاجئين السودانيين، الذين يشكلون الكتلة الأكبر من الوافدين، ورغم الترحيب بالخطوة إلا أنها فتحت المجال أمام نقاش أوسع حول مدى كفايتها، وسرعة تنفيذها، ومدى قدرتها على معالجة التحديات الأعمق المرتبطة بنظام اللجوء والإقامة في مصر.

وفي ضوء ذلك، قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في بيان صدر الأربعاء، إنها ستبدأ إعادة جدولة مواعيد تصاريح الإقامة الحالية على دفعات بسبب الأعداد الكبيرة، موضحةً أن الأشخاص الذين تمت إعادة جدولة مواعيدهم فقط هم من سيتلقون رسائل نصية قصيرة تتضمن التاريخ الجديد للموعد إلى جانب معلومات إضافية ذات صلة. مؤكدة أنها ستواصل توفير مواعيد جديدة لتصاريح الإقامة من خلال مكاتبها الرسمية وخط المعلومات الخاص بها. كما دعت اللاجئين وطالبي اللجوء الذين سيتلقون رسائل بالمواعيد الجديدة إلى التوجه إلى مكتب الجوازات والهجرة في العباسية في الموعد المحدد، مشيرةً إلى أنه يُسمح فقط لرب الأسرة أو صاحب الملف الرئيسي بالحضور، مع ضرورة إحضار بطاقات أفراد الأسرة وصورهم الشخصية، دون الحاجة إلى حضور باقي أفراد الأسرة.

حتى نهاية مارس 2025، بلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر حوالي 942 ألف شخصًا، يمثلون أكثر من 60 جنسية مختلفة، وتتصدر الجنسية السودانية القائمة، تليها الجنسيات السورية، والإريترية، والإثيوبية، والجنوب سودانية، والصومالية، واليمنية، والعراقية. يعيش معظم هؤلاء اللاجئين في مناطق حضرية مثل القاهرة الكبرى والإسكندرية، حيث تعتمد الغالبية على المساعدات الإنسانية بسبب التحديات الاقتصادية وصعوبة الوصول إلى سوق العمل الرسمي.

وتتجاوز الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أضعاف هذا الرقم، وكان اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أكد مطلع 2024 أن الأرقام الرسمية عن إعداد اللاجئين في مصر تشير إلى نحو 9 ملايين شخص، من بينهم 4 ملايين مواطن سوداني يليهم مليون ونصف مواطن سوري وفق آخر رصد قبل الأزمة السودانية الأخيرة، ولكن في ضوء الوضع الحالي للأزمة السودانية من المرجح أن العدد قد يزيد بنحو مليوني لاجئ إضافي.

وتعكس هذه الأرقام معاناة يعيشها ملايين اللاجئين بمصر، إذ لا يتمكن اللاجئ المسجل لدى المفوضية والجهات الرسمية من ممارسة حقوقه أو الحصول على الخدمات الأساسية مثل الخدمات الصحية والتعليمية والمساعدات التي تقدمها المفوضية، وفي السياق كان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد كلف منتصف العام الماضي، بتدقيق أعداد اللاجئين في مصر، بهدف حصر وتجميع ما تتحمله الدولة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات في مختلف القطاعات، الذين يحصلون عليها، مشددًا على ضرورة توثيق مختلف جهود الدولة لرعاية هذه الملايين.

 

نوصي للقراءة: حماية أم قيود؟ انتقادات واسعة لقانون اللجوء المصري الجديد

 خطوة إيجابية ولكن؟

استهدفت التعديلات بشكل عام، تسهيل وتسريع إجراءات استخراج تصاريح الإقامة، الأمر الذي لاقى ترحيبًا حقوقيًا، يتمثل الإجراء الأبرز في تعديل الإقامة لتصبح مرتبطة بوضع اللجوء، ما يصفه مراقبون تحدثوا إلى زاوية ثالثة بأنه “خطوة إيجابية تأخرت كثيرًا”. ويعني هذا التعديل نظريًا أن اللاجئ المسجل لدى المفوضية أصبح بإمكانه الحصول على إقامة مؤقتة مرتبطة بوضعه القانوني، دون الحاجة إلى الالتفاف على القانون بالحصول على إقامة سياحية أو دراسية، كما كان يحدث في السابق. ويمثل ذلك تحولًا في تعامل الدولة مع واقع اللاجئين، ويضع الأساس لاعتراف قانوني أكثر وضوحًا بوجودهم، خصوصًا أن عددًا كبيرًا من اللاجئين لا يملكون القدرة على الحصول على إقامات بديلة بسبب التكلفة أو القيود القانونية.

كذلك، فإن خطوة ربط الإقامة بوضع اللجوء من شأنها، حال تطبيقها بشكل سليم، سوف تقلل من مخاطر الترحيل أو الانكشاف القانوني لمن تنتهي صلاحية إقامتهم، وأن تسمح للاجئين بالوصول إلى خدمات أساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والعمل في بعض الحالات.

وتعقيبًا على الإجراء يقول محمد سعيد، – مدير برنامج اللاجئين والهجرة بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات-، إلى زاوية ثالثة إن التعديل الأخير الذي يشمل تمديد مدة الإقامة وإصدار الرقم المرجعي، يُعد خطوة إيجابية رغم أنه تأخر لسنوات طويلة، ومع ذلك، ما زال هناك العديد من الثغرات التي تحتاج إلى معالجة لضمان حماية فعالة وكاملة للاجئين في مصر. موضحًا أنه: “حتى بعد تعديل الإجراءات، ما زال اللاجئ مضطرًا لاستخراج رقم مرجعي من وزارة الخارجية قبل التوجه إلى إدارة الهجرة والجوازات، وفي ظل الضغط المتزايد، أصبحت مواعيد تنفيذ هذه الإجراءات تمتد لأكثر من 20 أو 25 يومًا، ما يُهدر وقتًا ثمينًا من مدة الإقامة القصيرة أساسًا”.

ويلفت سعيد إلى أنه “في كثير من الحالات، تنتهي إقامة اللاجئ قبل أن يتمكن من استكمال المعاملات، ما يؤدي إلى فقدانه الوضع القانوني ويحرمه من الخدمات الأساسية”، مطالبًا بتمديد مدة الإقامة الممنوحة لتكون عامًا بدلاً من ستة أشهر، مشيرًا إلى أن “التمديد خطوة جيدة، لكنها لن تُحدث الفارق ما لم يُعالج التأخير المرتبط بالرقم المرجعي أو يتم توسيع عدد الموظفين القادرين على إنهاء الإجراءات بسرعة”.

ويضيف: “الأيام الماضية شهدت زيادة طفيفة في عدد من تسلموا أرقامهم المرجعية”، لكن “الاعتماد على مركز واحد في القاهرة، وتحديدًا في العباسية، يفرض على طالبي اللجوء من خارج العاصمة مشقة كبيرة”، مطالبًا بـحلول لا مركزية لتوزيع مراكز الخدمة وتخفيف الضغط وتحسين كفاءة الاستجابة.

يتفق معه -الناشط الحقوقي والمدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر-، نور خليل، إذ يصف خطوة إصدار تصريح الإقامة لمدة سنة للاجئين وملتمسي اللجوء بأنها “محبّذة ومطلوبة منذ سنوات”، غير أن “المشكلة الرئيسية ما تزال قائمة، ولم تُحلّ بعد”، بحسب خليل الذي يؤكد في حديثه معنا أن التسجيل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والحصول على بطاقة التسجيل لا يمنح الشخص وضعًا قانونيًا بشكل تلقائي، بل يتطلب إجراءات إضافية، أبرزها استخراج الرقم المرجعي الذي يُستخدم للتقديم على تصريح الإقامة من وزارة الداخلية، وهو الإجراء الأساسي لضمان قانونية الوجود في مصر.

 

نوصي للقراءة: مصر: مشروع قانون اللجوء يثير عداءً رقميًا منسقًا ضد اللاجئين


مشكلات إجرائية تضاعف الأزمة

يقول محمد سعيد في حديثه معنا، إن عددًا كبيرًا من اللاجئين في مصر واجهوا خلال السنوات الماضية صعوبات بيروقراطية بالغة في تسجيل ملفاتهم لدى مفوضية اللاجئين والحصول على بطاقة اللجوء، موضحًا: “الإجراءات كانت معقدة وبطيئة، واستغرقت وقتًا طويلاً، ما دفع العديد من المستحقين للحماية الدولية إلى العزوف عن التسجيل، رغم أحقيتهم في ذلك، نتيجة شعورهم بالإحباط من طول الإجراءات”.

ويضيف سعيد أن الإقامة التي تُمنح لطالبي اللجوء لمدة ستة أشهر لم تكن كافية في ظل التعقيدات الإدارية، لافتًا إلى أن “ما بين 55 إلى 60 يومًا من مدة الإقامة كانت تُهدر في الإجراءات نفسها، بدءًا من حجز الموعد، مرورًا باستخراج الرقم المرجعي من وزارة الخارجية، وصولًا إلى مراجعة مصلحة الجوازات والهجرة، ما يجعل اللاجئ يفقد جزءًا كبيرًا من صلاحية إقامته في إجراءات لا تنتهي”.

ويؤكد سعيد أيضًا أن الحصول على بطاقة اللجوء لا يمنح اللاجئ كامل الحقوق المرتبطة بالإقامة القانونية، موضحًا أن انتهاء صلاحية البطاقة يؤدي تلقائيًا إلى فقدان عدد من الخدمات الأساسية، مثل القدرة على فتح حساب مصرفي، أو حتى استمرار خدمات الهاتف المحمول، حيث يتم فصل الخط مباشرة بعد انتهاء الصلاحية، ويلفت إلى أن هذا الواقع دفع الكثير من اللاجئين سابقًا إلى الاعتماد على الإقامات السياحية أو الدراسية، كونها كانت أقل كلفة وأكثر سهولة في استخراجها.

وفي السياق يشير سعيد إلى أن الوضع تغير خلال العامين الأخيرين، بعد أن رفعت السلطات رسوم الإقامة الدراسية إلى ما يعادل 150 دولارًا للفرد، وهو مبلغ يفوق قدرة غالبية الأسر اللاجئة، إضافة إلى اشتراط الموافقة الأمنية للحصول على الإقامة السياحية، ما زاد من تعقيد هذه البدائل، وأدى إلى عودة أعداد كبيرة من اللاجئين إلى خيار التسجيل لدى المفوضية. وأضاف: “هذا ما يفسر الزيادة الكبيرة مؤخرًا في عدد الحاصلين على صفة لاجئ داخل مصر، لكن في المقابل، فإن وتيرة إصدار الإقامات القانونية لم تواكب هذا الارتفاع، ما خلق فجوة واضحة تتطلب حلولاً عاجلة تضمن حصول كل لاجئ على إقامة قانونية تحترم كرامته وتُسهل معيشته”.

ومن جهته يشير نور خليل إلى أن تصريح الإقامة يمنح لمدة 6 أشهر فقط، لكن منذ فترة، باتت مواعيد استخراج تلك التصاريح تصل إلى عام 2027، وهو ما يعني أن هناك فجوة زمنية قد تصل إلى سنة ونصف أو أكثر، يكون فيها اللاجئ مسجلًا رسميًا ولكن دون إقامة قانونية سارية، مضيفًا: “المشكلة الجوهرية أن غياب تصريح الإقامة يعني حرمان اللاجئين من كل الخدمات العامة، سواء كانت خدمات الدولة أو المجتمع المدني، بما في ذلك التعليم، العلاج، تجديد شريحة الهاتف، وحتى القدرة على إصدار شهادة ميلاد لأطفالهم أو توكيل لمحامٍ”.

نوصي للقراءة: تحرير الخرطوم يدفع اللاجئين السودانيين في مصر نحو العودة الطوعية

أطفال بلا تعليم

يلفت نور خليل في حديثه معانا إلى مشكلات كبرى تواجه اللاجئين في مصر، يتعلق أهمها بعدم القدرة على تحصيل الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، موضحًا أن أزمة التعليم بين أطفال اللاجئين أصبحت كارثية، حيث تقل نسبة من يحصلون على تعليم رسمي عن 3%، ويرجع ذلك إلى الإجراءات البيروقراطية المعقدة، واشتراط وجود تصريح إقامة ساري. وقال: “منذ العام الماضي، أصبحت المدارس تطلب مستندات لا يمكن للاجئ توفيرها بدون إقامة قانونية، مما أدى لحرمان آلاف الأطفال من حقهم الأساسي في التعليم”.

ويضيف أن التأخر في إصدار تصاريح الإقامة لا يحرم اللاجئين من التعليم فقط، بل يهدد حياتهم. وقال: “رصدنا حالات وفاة نتيجة امتناع المستشفيات العامة عن استقبال لاجئين لا يحملون إقامة سارية، رغم أن المفوضية تطالبهم باللجوء إلى هذه المستشفيات بعد تقليص المساعدات الإنسانية”، مؤكدًا أن هذا الوضع بمثابة “حكم بالموت”.

ويحذر خليل من تصاعد الأزمة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، خاصة بين اللاجئين السودانيين، حيث يتم توقيف بعضهم من قبل الشرطة بسبب عدم امتلاكهم إقامة سارية، وهو ما قد يعرضهم للترحيل. وتابع: “نتحدث اليوم عن أكثر من 400 ألف لاجئ دون تصريح إقامة ساري، أي ما يعادل نصف العدد المسجل لدى المفوضية”.

ورغم الترحيب بزيادة القدرة اليومية لاستخراج تصاريح الإقامة من 600 إلى 1000 حالة يوميًا، لكنه أكد أن هذه الخطوة لا تسد الفجوة الكبيرة بين عدد اللاجئين المسجلين وعدد الحاصلين على الإقامة، وقال: “إذا كنا نسجل مئات الأشخاص يوميًا، فإن فجوة التصاريح ستظل قائمة على مدار عام على الأقل، ما لم تكن هناك مرحلة انتقالية منظمة”.

وحول القانون الجديد الخاص باللاجئين، أشار خليل إلى أن هناك مادة تنص على إنشاء لجنة مختصة بشؤون اللاجئين خلال 3 أشهر من إصدار القانون، لكنه تساءل عن كيفية أداء اللجنة لمهامها دون وجود لوائح تنفيذية واضحة أو تعريف دقيق لاختصاصاتها. وقال: “لا يمكن معالجة ملف اللجوء من البداية للنهاية بلجنة بلا خبرات أو إطار قانوني مفصل”.

إلى جانب ذلك يلفت خليل إلى أن نقص التمويل الإنساني العالمي أثر بشكل مباشر على خدمات المفوضية في مصر. وأوضح: “البيانات الرسمية تشير إلى تضرر نحو 20 ألف شخص من توقف المساعدات الصحية فقط، وتُطالب المفوضية اللاجئين باللجوء للمستشفيات العامة، رغم أنهم ممنوعون منها لعدم وجود إقامة قانونية. فكيف إذًا؟ هذا عبث وخطر على حياة الناس”.

تعد مصر واحدة من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، تتحمل مسؤولية حماية اللاجئين الفارين إليها، كما تؤكد المادة 91 من دستور 2014 على حق الدولة في منح اللجوء السياسي لأي أجنبي تعرض للاضطهاد بسبب دفاعه عن مصالح الشعوب، كذلك، تلتزم المادة 93 من الدستور المصري بالوفاء بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

تعرف منظمة الأمم المتحدة اللاجئ بأنه الشخص الذي اضطر إلى مغادرة بلده بسبب ظروف مثل الحرب أو العنف أو الاضطهاد، مع عدم قدرته على العودة أو خوفه من ذلك، وتحدد اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 اللاجئ بأنه “شخص يقيم خارج بلده الأصلي أو مكان إقامته المعتادة نتيجة خوف مبرر من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر أو الدين أو القومية أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة أو آراء سياسية، ولا يستطيع أو لا يرغب في اللجوء إلى حماية ذلك البلد أو العودة إليه بسبب هذا الخوف”.

خلال السنوات الأخيرة، استقبلت مصر أعدادًا كبيرة من اللاجئين نتيجة للصراعات التي شهدتها المنطقة، وزعم تقرير لمجلس النواب المصري بأن مصر في المرتبة الثالثة عالميًا بين الدول الأكثر استقبالاً لطلبات اللجوء خلال عام 2023.

وفي ديسمبر الماضي، أقرت مصر قانون اللجوء الجديد الذي أثار جدلًا واسعًا على الصعيدين المحلي والدولي، لما تضمنه من مواد تهدف إلى تنظيم استقبال اللاجئين وتوفير الحماية القانونية لهم، لكنه في الوقت ذاته يفرض قيودًا قد يراها البعض تعسفية على حق اللجوء.

شمل القانون (39) مادة تنظم أوضاع اللاجئين في البلاد؛ أبرزها إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين تتبع مجلس الوزراء، تتولى جمع البيانات والإحصاءات المتعلقة بأعداد اللاجئين، وتختص بالفصل في طلبات اللجوء، كما حدد مدة ستة أشهر للبت في طلب اللاجئين الذين دخلوا البلاد بطرق مشروعة، بينما ترتفع المهلة إلى عام بالنسبة لمن دخلوا بطرق غير قانونية، كما يمنح الأولوية في النظر والفصل للفئات الأكثر حاجة، مثل ذوي الإعاقة، والمسنين، والنساء الحوامل، والأطفال غير المصحوبين، وضحايا الاتجار بالبشر والعنف الجنسي.

وقدم القانون مجموعة من الحقوق للاجئين، منها حظر تسليم اللاجئ إلى الدولة التي يحمل جنسيتها، والحق في التقاضي مع إعفائه من الرسوم القضائية، كما يتيح له الحق في التعليم الأساسي، والرعاية الصحية المناسبة، والعمل سواء لحسابه الخاص أو من خلال تأسيس شركات أو الانضمام لشركات قائمة، دون فرض أي ضرائب أو أعباء مالية إضافية عليه، بالإضافة إلى ذلك، يمنح المشروع اللاجئ الحق في التقدم للحصول على الجنسية المصرية وفقًا للإجراءات المحددة. 

ويحظر القانون على اللاجئين القيام بأي أنشطة قد تمس الأمن القومي أو النظام العام، كما يمنعهم من ممارسة الأعمال السياسية أو الحزبية أو أي أنشطة داخل النقابات، لضمان التزام اللاجئين بالقوانين والأعراف المحلية، كما يمنح مشروع القانون اللجنة المختصة بشؤون اللاجئين صلاحية إعادة توطين اللاجئين في دول أخرى بالتنسيق مع الجهات الدولية المعنية، كما يحدد ضوابط لإنهاء حالة اللجوء، مثل عودة اللاجئ طواعية إلى وطنه، أو حصوله على جنسية أخرى، أو مغادرته البلاد لمدة ستة أشهر متواصلة دون عذر تقبله اللجنة المختصة.

ويلزم القانون اللاجئين باحترام الدستور والقوانين والقيم المجتمعية المصرية، مع حظر أي أنشطة قد تمس الأمن القومي أو النظام العام، يُحظر كذلك القيام بأي أعمال تتعارض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، أو جامعة الدول العربية، كما يتيح القانون إسقاط صفة اللاجئ عن الشخص وإبعاده فورًا عن البلاد إذا تبين أنه اكتسبها بناءً على غش، احتيال، أو إغفال معلومات أساسية، كما يُسقط هذا الوصف إذا ارتكب اللاجئ أي من الأفعال المحظورة المنصوص عليها في القانون.

رغم ما تحمله الخطوة الأخيرة من إشارات إيجابية نحو تحسين أوضاع اللاجئين في مصر، إلا أن الواقع العملي لا يزال مليئًا بالتحديات، بدءًا من الإجراءات البيروقراطية المعقدة، مرورًا بنقص الموارد والبنية التحتية، وصولًا إلى غياب الاعتراف القانوني الكامل بحقوق اللاجئين وطالبي اللجوء. إلى جانب ذلك يمثل ربط الإقامة بوضع اللجوء وتوسيع الطاقة الاستيعابية خطوة نحو الأمام، لكنها لن تكون كافية ما لم تُرافقها إجراءات أوسع تشمل تبسيط المعاملات، وتوفير حلول لا مركزية، وضمان وصول اللاجئين إلى الخدمات الأساسية دون عراقيل، التحدي اليوم لا يتمثل فقط في الأعداد المتزايدة، بل في القدرة على بناء نظام لجوء عادل وإنساني يراعي كرامة الإنسان قبل أي اعتبار.

رشا عمار
صحفية مصرية، عملت في عدة مواقع إخبارية مصرية وعربية، وتهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية.

Search